إن المرحلة الراهنة من عصرنا الحالي مليئة بالضغوط النفسية والضيق والتوتر والطموحات والرغبات غير المتحققة وهي من دون شك سمتها الأكبر إلى جانب ما فيها من عنف وحوادث أليمة وتفكك أسري مقرون بالحروب والأزمات الاقتصادية والصراعات السياسية. والإنسان يتحرّك في بيئته المحيطة بشكل كتلة نفسية واحدة، وتتعرض حالته الجسمانية للمؤثرات كما حالته النفسية والأهم من ذلك أن إحداهما تؤثر وتتأثر بالأخرى ويؤكد علماء النفس أن ما من اضطراب نفسي يؤثر في النفس من دون الجسم كما أن هناك أدلة عديدة توضح الارتباط الوثيق بين الجسم والنفس حيث الحالة الانفعالية أثناء الغضب مثلًا تؤدي الى تسارع ضربات القلب والحالة الانفعالية في الخجل تؤدي الى احمرار بشرة الوجه.

وبما أن الانسان جسم ونفس والجسم هو الامتداد الفسلجي للنفس ويتأثر بالحالات النفسية التي يتعرض لها الانسان ويؤثر فيها فإن زيارة المراقد المقدسة وهي ليست في محتواها عملًا دنيويًّا يهدف الى منافع مادية بل هي عمل عبادي روحي وبدني مشترك ( النفس والجسم) يراد منه تحقيق صلة أقوى بالله تعالى عبر تكريم أولياءه الصالحين حيث أن هذه الزيارة ليست مجرَّد تكريم لإنسان ميّت، وإنما هي تتعامل مع كيان روحاني لا جثة هامدة وبالخصوص مع الشهداء الذين يعتبرون (أحياء عند ربهم يرزقون) كما يذكر الله تعالى في كتابه المجيد وهي فعل روحاني خالص لله تبارك وتعالى يحمل أبعاد تربوية وعقائدية وفكرية تنعكس على بناء شخصية الزائر وتشده الى أخلاقيات ومسيرة صاحب الزيارة وعقيدته.